في العام الثانى نجد أن الطفل – وقد أمكنه الحركة والكلام – أصبح مصدرا للسرور والبهجة في قلب الأهل والأقارب والأصدقاء ، فنطقه المتعثر للكلمات ، وخطواته المترددة تثير الضحك في الأسرة .. وتطور حصول الطفل علي المهارات المختلفة يختلف من طفل لآخر ، ولذا يجب ألا نقارن بينه وبين زملائه في العمر .. فالطفل قد يقول هذا العام جملا مفيدة ، وزميل له في نفس السن لم يزل ينط الكلمات غير مفهومة ولا يمكنه تركيب جملة مفيدة .. ولكن هذا الطفل المتأخر في الكلام قد تكون له مهارة في اللعب أو المشي ، أو قد يسبق في التسنين زميله الأول .
إذن لا داعى للقلق أو الخوف حول تأخر طفلك في هذا الموضوع أو ذاك .. ولكن أعراضيه علي طبيبه إذا لاحظت أنه متأخر من نواح متعددة ، فهو لايسير ولا يتكلم ، وأسنانه لم يظهر منها إلا واحدة أو اثنتان أو لايستجيب لمداعباتك ولعبك معه .. أى أنه متأخر عن زملائه في أكثر من ناحية .
من الجدول السابق نستطيع أن نرى أن الطفل في عامه الثاني أصبح له أسنان يأكل بها ، كما أنه يستطيع إلي حد ما أن يعبر عن رغباته بالقول والإشارة ، ويتحرك من حولنا ويمكنه أيضا بدرجة معقولة أن يتحكم في البول والبراز وبالتالي في نظافته .. ومن كل ما سبق قد تتصور الأم أن طفلها كبر وأصبح مسئولا عن تصرفاته ويجب أن يحاسب عن كل ما يفعله .. والواقع أن كل ماحدث هو أن الطفل قد تجاوز مرحلة الرضاعة المطلقة وأصبح يشارك الأسرة في الطعام بالإضافة إلي رضعة أو إثنين أو ثلاث ولكنه لم يزل طفلا بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان .. ولم يزل محتاج للرعاية الكاملة من الأهل .
وفي عامه الثانى سنجد أنه هوائي متقلب المزاج .. يرغب في الحصول فورا علي ما يستهويه ويبكى ويثور إن لم يحصل عليه ،وإذا حصل عليه فقد يلقيه من يده بعد دقائق .. وهو قد يرفض بشدة أى مساعد في المشي أو اللبس مثلا .. لنجده بعد يومين يرفض أن يسير ويطلب أن تحمله الأم بين ذراعيها ثانية وأن تلبسه ، مرتدا عدة شهور في تطوره وعائدا إلي المرحلة السابقة .. ولذلك – عادة – أسباب نفسية وبائية .. فهو مثلا إذا سار دون حذاء ولسعت الأرض قدمه في الصيف أو شكة دبوس في قدمه أو شاهد إذا شاهد والدته تحمل طفلا آخر سواء شقيقا له أو من أقربائها فأنه يتخلي بسرعة عن استقلاله ويعود مطالبا أن تحمله أمه ويرفض السير وحيدا بعد ما كان يصر علي ذلك .
وعندما يظهر أحد الدروس مثلا فإنه قد يتوقف عن تناول الطعام ويصر علي العودة إلي الرضاعة طوال اليوم لفترة قصيرة .. وعندما يزول الألم من الضرس يعود إلي تناول الطعام .
ومن هنا فإن معاملة الطفل في عامه الثانى تختلف من أسرة لأخرى وهنا كلمة هامة ( لا تخافى من تصرفك مع طفلك ، فغريزة الأمومة التى أودعها الله سبحانه وتعالي فيك كفيلة بأن تجعل أغلب تصرفاتك سليمة وفي الطريق الصحيح .. وحتى إذا اكتشفت أنك مخطئة في تربية طفلك كالجوئك مثلا إلي ارغامه علي تناول الطعام بالقوة مما جعله عنيدا يرفض الأكل فإنه يمكنك في أغلب الأحوال إصلاح الخطأ والرجوع إلي الطريق الصحيح ) .
والطفل عموما في هذا السن يحتاج للشعور بالأمان والطمأنينة بين أفراد أسرته ، وذلك عن طريق إحساسه أنه محبوب لايكلفنا الكثير .. فالأم أو الأب الذي يأخذ الصغير في حضنه ويطبطب عليه ويقبله إذا بكى ، حتى ولو كان بكائه بسبب تأنيب الأهل له لأنه كسر شيئا .. هذا الحضن أو القبلة يفعل الكثير لإزالة مخاوف الطفل وذعره من اهتزاز مكانته في الأسرة وخاصة أنه لايدرى أن ما ألقاه أرضا وكسره وفرح لسماع صوت الكسر هو طفاية كريستال أو فاظة ثمينة مثلا يغضب الأهل لكسرها .
وصلة الطفل بباقي أفراد الأسرة أساسها هو شعوره أنه محبوب ومرغوب فيه من أسرته .. وعلي هذا الشعور بالأطمئنان ينمو ويتطور نفسيا بشكل طبيعي .